ارحموا المريض النفسى وأسرته يرحمكم الله
اتصل بى الكثير من الأطباء النفسيين وأسر المرضى النفسيين وهم فى حالة من الغضب للإسفاف والجهل العلمى الذى يقدمه مضمون أحد المسلسلات الرمضانية؛ حيث إن به إساءة للمريض النفسى، والطبيب النفسى، وكذلك القائمين على إدارة مستشفيات الطب النفسى.
فالمسلسل يتنافى مع ميثاق الأمم المتحدة لحقوق المريض النفسى، وميثاق أخلاقيات الجمعية العالمية للطب النفسى. إنه هدر لكرامة المريض النفسى أن يتناوله الإعلام بهذا القدر من السخرية، والمؤامرة، والاستخفاف، والبعد عن الحقيقة العلمية. هل يعلم المسئولون عن المسلسل أنه يوجد قانون مصرى لرعاية المريض النفسى فى مصر؟ هل يعلمون أنه يوجد مجلس قومى للصحة النفسية يباشر علاج المريض النفسى سواء كان متطوعاً أو إلزامياً، وأنه يوجد ضوابط لحقوق المريض النفسى ومتابعة علاجه، ويشرف على تنفيذه ثلاثة من الأطباء النفسيين المستقلين سواء فى المستشفيات الحكومية أو الخاصة، هل يعرفون أنه يوجد صندوق خاص فى كل المستشفيات النفسية لشكاوى المرضى يشرف عليها المجلس القومى للصحة النفسية؟ هل يعلمون أنه لا يوجد أى علاج طبى استمر لمدة سبعين عاماً إلا الأسبرين والعلاج الكهربائى؟ إن صدمات الكهرباء توقفت منذ خمسين عاماً وبعدها جاءت الجلسات التشنجية، ثم بعدها بعشر سنوات استُخدمت جلسات تنظيم إيقاع المخ تحت تأثير المخدر وراخى للعضلات، ولا يحدث سوى ارتجاف العين وبعدها بعشر دقائق يشرب المريض الشاى ويمارس حياته بشكل طبيعى جداً. إن جلسات تنظيم إيقاع المخ هو الاسم الموجود فى قانون رعاية المريض النفسى، وإن هذا العلاج يعطى فى كل مراكز الطب فى العالم، ويُعتبر من أحسن علاجات الاكتئاب والهوس وبعض أنواع الفصام. وإن هذا العلاج ليس عقاباً كما يشير إليه المسلسل بل هو علاج ناجح وإعطاؤه يحتاج لموافقة المريض وأسرته بعد شرح مفصل لطبيعة الجلسات ودواعى استخدامها للمريض، بل هو بمثابة العلاج الأمثل للأفكار الانتحارية.
إن هدف هذا المسلسل هو زيادة وصمة المريض النفسى، وازدياد تخوف الأسر والمريض النفسى من العلاج مما سيزيد من المعاناة ونسب الانتحار.
إن الجمعية المصرية للطب النفسى تدين هذا المسلسل الذى يدل على الجهل العام بعلوم الطب النفسى الحديث.
وقد اعتادت الجمعية المصرية للطب النفسى أن تشرف على أى فيلم أو مسلسل يمس حياة المرضى النفسيين لكى يتوافر فيه العلم والمعرفة وألا يقوم على جهل تام بهذا النوع من المرض لأنه لا توجد أسرة ليس بها مريض نفسى، ولذا فقد أساء هذا المسلسل لحقوق واحترام المريض النفسى كما أساء لجميع القائمين على العلاج النفسى، لا يصح أن تكون الأمراض النفسية مجالاً للتسلية والسخرية لأن هذه الأمراض مثل السرطان والقلب.. هل تسخرون من هؤلاء المرضى؟ هل يصح التلاعب بقيم هؤلاء الذين ابتلاهم الله بهذه المعاناة؟
إننى أربأ بالمشاهدين عن متابعة هذا الإسفاف ويجب الاعتذار من جانب المسئولين عن هذا المسلسل فى بدء العرض، بأن هذا المسلسل من وحى خيال المؤلف أو المنتج المريض وليس له علاقة بالواقع أو العلم أو الطب النفسى.
وستلجأ الجمعية المصرية للطب النفسى ونقابة الأطباء للقضاء المستعجل لإيقاف هذا الإسفاف المبنى على الحصول على مكاسب مادية، وذلك على حساب إهانة المريض والطبيب النفسى.
ارحموا المريض النفسى وأسرته يرحمكم الله!!!».
أ. د. أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى