17
Mar
2011
الإدمان .. الوقاية أم العلاج
Posted On March 17, 2011
By [email protected]
And has No Comment
قصة ما لها من نهاية
منذ أكثر من 20عاما و الحديث لا يتوقف في العالم عن المخدرات مهلكة الشباب و الأسر .. و حوادث التهريب مستمرة بالرغم من كل ما تفعله سلطات مختلف البلدان للسيطرة على منافذها و برغم عمليات الضبط الكبرى إلا ان القصة لا تتوقف و لا تكمن وكل شئ متاح و بالرغم من الخطورة في التعامل مع المدمنين و التجار إلا انه لا يوجد صعوبة في الحصول على المخدرات بكافة أنواعها في كافة البلاد
:
المخدرات أنواع
خمور عرفت منذ القدم و هي ناتج تخمر مواد طبيعية كالعنب و الشعير و البصل و التمر وغيرها..والكحول هو لفظ عربي الأصل فالعرب أول من اكتشف تقطير هذه المادة من 800 بعد الميلاد لاستعماله في الطب ولكن أسئ استخدامه بعد ذلك وتراوحت التشريعات في كافة المجتمعات و الأديان بين التحريم و الإباحة .. والمادة الفعالة في الخمور هي الكحول الايثيلي و تختلف نسبتها في المشروبات الروحية المختلفة ..مثلا في البراندي و الويسكي من 40 -60 % وفي الشمبانيا من 10 -15 % و في البيرة و البوظة من 2 –9%
كيف يتعاطى…
المهدئات و المنومات .. أشهرها الفاليوم و مشتقاته والسيكونال فهي لا غنى عنها في علاج بعض الأمراض إلا انها تسبب التعود إذا ما استمر تناولها بصورة متصلة غير متقطعة لأكثر من 6 أسابيع و لذا فلا يجب ان تؤخذ إلا تحت إشراف طبي صارم
الأفيون و يستخلص من ثمرة نبات الخشخاش و الذي يستخرج منه الهيروين و الكودايين
نبات القنب يثمر عن الحشيش و الماريجوانا من أوراق و سيقان هذا النبات والبانجو من الجذور و هو أقل تأثيرا من السابقه
المنشطات و أشهرها عقار الأمفيتامين و الذي يتداول بين الشباب بأسماء مختلفة (كابتجون – الماكستون )
حبوب الهلوسة و الغرائيات ( أشهرها الباتكس) و المواد الطيارة و تؤخذ عن طريق الشم بعد وضعها في وعاء صغير
تؤخذ الخمور عن طريق الشرب و البعض يشعر منها بتحسين الرهبة الاجتماعية فيكتسب قدرة على الحوار وتختفي الحواجز بينه وبين غيره و يزول الخجل عنه و يستطيع الحديث و الإفصاح عما في نفسه بطلاقه مع الابتسام و الضحك ويكتسب الجرأة و الثقة وهي كذلك تساعد على النوم عند الأرق ويظن البعض انه تساعده على نسيان المشاكل وتزيل الأحزان و الهموم كفقدان عزيز لديه أو ضياع وظيفة أو مال أو محبوب و كثيرا ما يعجز في التعليل و انها فقط كانت و ما زالت رغبة عارمة في الخمور · وبعض الشخصيات الاعتمادية من المراهقين و لشباب يلجأن للمهدئات و المنومات لما لها من تأثير ارتخاء عضلي وإزالة للتوتر و تعطي شعور بالبهجة والدفء و النعاس و أيضا طلاقه و جرأة الحديث و يلجأن إليها لأنها أرخص من غيرها و أسهل في الحصول عليها وفي الجرعات العالية يترنح و يصعب عليه التركيز و الانتباه
كيف و ..؟
يستخدم الحشيش عن طريق التدخين (السيجارة و النرجيلة) و قد يؤخذ عن طريق الفم مخلوطا بالطعام أو مع الشاي و القهوة و غالبا ما يؤخذ في جماعة قد تكون غير متجانسة بحسابات السن و المستوى الاقتصادي و الثقافي و الاجتماعي ويبقى تأثير التدخين من 3-4 ساعات أما إذا أخذ عن طريق الفم فيكون امتصاصه أبطأ و يبقى تأثيره لفترات أطول من 5-12 ساعة و يختلف تأثيره باختلاف الجرعة المعطاة فالجرعة الكبيرة قد تدخل المتعاطي في حالة من الهلوسة في حين أن الجرعة البسيطة تجعله يشعر بالانسجام والنشوة والسرور و الاسترخاء و تزيد من درجة إدراك للمؤثرات الخارجية فيكون أكثر انتشاء مع سماع الموسيقى و الأغاني و تتضح وتتمايز الأشياء و الألوان و تكتسب الصور و الكلمات أبعاد جديدة إلا انه يضطرب إحساسه بالزمان و المكان فيظن ان الوقت قد مضى مع ان عقارب الساعة لم تتعدى دقائق معدودة و لا يستطيع تحديد المسافات بدقة مع عدم اتزان حركي و من ثم تكمن خطورته مع السائقين
· وبعض متعاطي الحشيش يشكون من مشاعر بالخوف و دنو الأجل والاكتئاب و أفكار ضلالية بتوقع الأذى من الآخرين و لا يعرف لم هذا الاختلاف عند البعض.
· و الأفيون يؤخذ بالفم و بالحقن بالوريد بعد إذابته و الهيروين يؤخذ عن طريق الشم أو الشفط بعد الحرق على قصديره أو الحقن الوريدي بعد إذابته مع ماء و ليمون أو خل و يشعر بعدها باسترخاء شديد ونشوة فائقة و شعور يفوق شعور الشبق ثم تنتابه ثقة و طمأنينة عارمة على كل شئ مستقبلي ويرى نفسه الأفضل و الأقوى و بعد فترة ليست بكبيرة من التعاطي لا يقوى على الحركة و الحديث بدون جرعته الصباحية و المسائية
· والمنشطات تعطى عن طريق الفم أو الحقن الوريدي وفور تعاطيها يزول الإحساس بالتعب و يشعر المدمن بالبهجة و السرور و تزداد قدراته و طاقته على العمل و لكن بمجرد انتهاء تأثيرها تنطفئ هذه الطاقة و القدرة
كيف و لماذا يبدأ..؟
مع سن المراهقة و زيادة الرغبة في الفضول و حب الاستطلاع و تخطي حاجز التجريب في التدخين يتطلع إلى ما هو أخطر و أقوى فيأتي دور رفيق السوء الذي لديه المعلومة الخاطئة و بعد التجريب لعدة مواد من الآنف ذكرها يتعلق بإحداهن التي قد تكون مناسبة لعجز في شخصيته أو نقطة ضعف معينة هل هو في حاجة للجرأة في الحديث والارتخاء و النوم( الخمر و المهدئات) أو للهروب من الواقع (المهلوسات و الباتكس) أو للثقة العالية والبطولة الوهمية (الأفيون والهيروين) أو للانتعاش الذهني والحسي البصري و السمعي (الحشيش و الماريجوانا ) .. و إذا تعزز لديه إحساسه بحاجته لهذه المادة من جراء أثرها عليه فلم التخلي عنها و حتى هذه اللحظة فالتعلق بها نفسي و يمكن الإقلاع عنها
الطريق بعد البداية و التجريب
اذا استمر الشاب في التعاطي تزداد قدرته على تحمل المادة فيلزم عليه زيادة الجرعة حتى يحصل على نفس التأثير المحبب إليه من المادة و ندور في حلقة مفرغة بحثا عن التأثير ذاته بجرعة أكبر و عدد مرات متقاربة أكثر و لا يستطيع الحصول على الكم المطلوب
هل من علاج الآن
نعم …. ولكن ليس التوقف عن المادة هو غاية المراد ! أهم من ذلك هو معرفة لماذا أدمن؟ ولماذا هذه المادة بالذات ؟ ولذا فدراسة تفصيلية لبحث نقط الضعف فيه لإصلاحها و القوة لتعزيزها لا مناص منها
· يجب احترام ضعف المدمن وعدم النظر ليه بإشفاق شديد يزيد شعوره بالضعف و لا بشماتة قد تعزز سلوكه المذموم
· التسلح بالصبر .. فهذه الحالات لا يمكن علاجها في وقت قصير
نهاية قصة مدمن
اكتملت القصة …من البداية لم يكن أحد معي ..يجب ان أحصل على المادة بأي وسيلة سأقترض .. سأبيع من أغراض المنزل .. لن أسدد .. سأكتب شيكات.. سأسرق! .. مضطر للكذب ونسج القصص الوهمية .. سأحبك القصة تماما حتى أحتال على المستمع .. سأقنعه ..عندي قدرة على الحديث بطلاقه لا تنتهي … سأستعطف من أتحدث إليه .. سأرجوه وإذا ضاق بي سأزجره و انهره و أعنفه وأحمله المسئولية .. سأضرب من يقف في طريقي !! و…. و…. و….
من معه العلاج
الطبيب يقول دوائي فيه العلاج و الواعظ الديني يقول وعظي و إيماني فيه العلاج و الشرطي يقول عصاي و عقابي هو العلاج و رجل القضاء يقول قانوني فيه العلاج و الأخصائي النفسي يقول علاجي النفسي هو العلاج والباحث الاجتماعي يقول الأسرة والإرشاد هي العلاج وحقيقة الأمر ان كل هؤلاء مجتمعيين لا يصنعون المعجزات و لا تتعدى نسبة الشفاء التام عن 4% (منظمة الصحة العالمية
فشل العلاج و انتكس و عاود الادمان
فشلت محاولات العلاج وأصبح لزاما عليه المتاجرة حتى يستطيع توفير حصته لنفسه .. وانتهت القصة إما بالوفاة أو بالسجن أو بالضياع و ترك لنا عديد من الأصدقاء صغار المدمنين منهم المبتدئ و منهم المتوسط ومنهم المخضرم
متى اللجوء لدخول المستشفى
نحتاج للمستشفى في الضرورة و عند فقد السيطرة على المدمن ولكن تكمن خطورتها في مزيد من التعارف على المدمنين الذين يكونون شبكة أكثر اتساعا خارج المستشفى
حتى الآن محدودة في الحالات المتقدمة وهي إما ان تكون بديلة بنوعيات لا تسبب الإدمان أو بدرجة أخف أو تنفر من استعمال المادة المتعود عليها
مما سبق يتضح أنه لا بديل عن الوقاية و يتضح مدى خطورة الدور الذي يلعبه الباحث الاجتماعي الذي يصل إلى المجموعة الهشه المجربة و يقيها شر و بلاء التمادي و يقف بجانب من لا يجد قدوة و هداية في بيته فالأب غائب والأم غير متمكنة من احتمال مثل هذه المواقف وحدها و البلاء صعب فالقنوات الفضائية تعج بفنون ما هي إلا مفاسد للأخلاق و مذهبة للقيم و لو ضاعت الفضيلة لهانت علينا أنفسنا
لأزمة .. هي اضطراب انفعالي عاطفي حاد يؤثر في قدرة الفرد على التصدي عاطفيا أو معرفيا أو سلوكيا و يؤثر سلبيا على قدرته في حل المشاكل بالوسائل العادية و هي ليست مرضا عقليا أو نفسيا لكن تترك الفرد و لفترة في حالة عدم اتزان. في هذه الأيام قد يكون هشا و أرض خصبة لنبات سئ
خلافات البيت بين اﻷب و ولده
وتتحدد نقاط الخلاف بين المراهق ووالديه في ملابسه و هندامه وسوء ترتيب غرفته ونوعية الأغاني و الموسيقى المسموعة ومواعيد خروجه و عودته إلى المنزل … ومع مدرسيه في أسلوب الرد و الحديث الذي غالبا ما تختفي منه عبارات الذوق و اللياقة و الأدب فيستخدم ألفاظ نابية غير لائقة و قد يتطاول متعديا حدود فارق السن و الواجب المفروض و يتباهى في قصصه بين أصدقائه بخرقه للقواعد و الآداب العامة ..
يتمثل ببساطة في معرفة نفسية هذا المراهق و مراعاة أزمته مع العلم بأن هذه هي أشهر أو سنوات معدودة بعدها يصل إلى الاتزان و التكامل وان شدة ما فيه الآن لا يعني بالضرورة سوء المستقبل … و بعد يأتي الحوار ثم الحوار ثم الحوار و التدريب لاكتساب مهارة الاستماع لكل ما يقال و ما لا يقال من خلال تعبيرات وجهه و انفعالاته ومناقشته بموضوعية و طرح نمازج عديدة من قصص واقعية يرى أثارها فيمن حوله و سؤاله الرأي والأخذ به في محيط الأسرة و توجيهه إلى الرياضة التي تنمي قدراته و تتحطم عليها شهواته … و ينصح الأباء بتفسير و تبرير أي قرار يبدو له غريبا و مصادقته إلى أبعد حد و تشجيعه إلى متابعة نوع الفن من أغنية أو سينما أو موسيقى أو غير ذلك الذي يخاطب مكارم الأخلاق و ليست الفنون التي تخاطب غرائز العنف و الجنس و العدوان … و تأني النصيحة و التوجيه إليه بطريق غير مباشر من خلال الحوار الماهر و ينصح هنا بزيادة عدد ساعات جلوس الأسرة معا في مناقشات عامة
تدريب مهارات حل المشاكل و ضبط الانفعالات
يجب تدريب الشاب على أفضل الأساليب في حل مشكلاته مع نفسه و يمكن تلخيصها في ان عليه تنظيم أفكاره في تعريف ماهية المشكلة ؟ وما نوعها ؟ .. مناقشة مشكلته مع المقربين للتفكير بالحلول الممكنة ثم مناقشة كل فرض من الحلول المقترحة بتفصيل وإسهاب ودراسة الاحتمالات الناتجة عنها – ثم اختيار أفصل الحلول المطروحة و تقدير كيف ومتى يمكن التنفيذ .
بهذه المهارة التي نحاول من خلالها تعليم الفتى و الفتاه على تدرج التفكير و استعمال العقل في تدبر الأمر بدلا من اللجوء إلى أساليب تغييب العقل
من يساعده
لمساعد الماهر عليه ان يجيد فن الإصغاء فيستمع بكل حواسه وبدفء في اللقاء أكثر من 70% من الوقت وعليه ان يسهل على المتحدث الانطلاق في الحديث بإشارات الوجه و علامات الدهشة و الإماء الإيجابية و الاستفسار إذا توقف ويبدي فضوله لتوضيح أمر ما بإعطاء أمثله له و يستعين بتلخيص المضمون في جمل محددة تبسط ما تم من حوار و تدعو لمزيد من الحوار ويلجا للاستفسار فقط فيما لا يزيد 20% من الوقت و يفضل ان يتجنب تماما النصيحة المباشرة بل على المساعد ان يستخلص ما يراه من نصح على لسان عميله (ضيفه أو مريضه ) و ذلك لن يأتي إلا إذا كان المساعد معه في الحوار مرآه لضيفه يستطيع ان يستشف منه الأخطاء التي يجب إلا يقع فيها
و في الختام ندعو الله التوفيق
د. عادل وجيه سراج
استشاري الطب النفسي.
|
|
· |
للمشاهدة اضغط هنا