مرض الفصام و الاضطراب الوجداني- مشاكل الأهل و الأقارب
مشكلة الجميع
حينما يمرض أحد أفراد الأسرة بالفصام و المعلوم عنه انه مرض مزمن يطول علاجه فالمشكلة ليست مشكلة المريض فقط أو الأب أو الأم فقط بل مشكلة جميع أفراد الأسرة ويمكن تحديد المشاكل في جوانب ثلاثة :
1. معاملة المريض نفسه أعراض المض بسلوكه المضطرب و انفعالاته وأثرذلك على الأسرة
2. التعامل مع أثر هذا المرض على الأقارب للمريض و بالطبع أثره سلبيا و عجز بعضهم من التكيف على ذلك
3. التعامل مع الناس الذين تحتاج إلى مساعدتهم
كيف تتعايش مع ذلك
شرح مبسط للاضطراب الوجداني.
Mتتعايش الأسر و الأفراد عندها بطرق مختلفة مع مريضهم و تختلف بدرجة قرابتك مع المريض فالأم تشعر بشئ يختلف عن الزوجة و بالطبع عن الأب و الأخ وعلى قدرة كل منكم على تحمل العناء و الأقارب يمكن تصنيفهم إلى مهتمين ومستسلمين للأمر و غير راضين ووضعك في أي منهم من الأهمية بحيث انه يؤثر على تعاملك مع المريض و مع ذويه ومع من يهمهم الأمر
نوع العناء وطريقة التعايش
يختلف نوع المعاناة من المرض مع طريقة التعايش معها من فرد لفرد في الأسرة الواحدة وأيضا يختلف من يعتبرها مشكلة فقد يرى الطبيب من المريض بالمستشفى قدرا من التعاون في ترتيب ملابسه و الإغتسال و الاستحمام في حين إن الأم ترى هذا في المنزل معركة يومية والأخ لا يراه مرتبا لملابسه أو مهندما وتختلط الأمور ببعضها وقد يرى أحد أفراد الأسرة الاستغناء عن عمله حتى يستطيع رعاية مريضه فالمسألة ليست فقط انه لا يعمل بل حاجته إلى الصحبة و المادة.
ومن الضروري إن تكون أمينا مع نفسك فليست الأشياء الجسيمة هي التي تسبب المعاناة و الضغط النفسي على الأسرة بل ايضا الأشياء البسيطة يوما بعد يوم قد تسبب هذه المعاناه ولذا فبساطة بعض الأشياء من مرضه كعدم اهتمامه مثلا بتنظيف أسنانه قد يترتب عليه مشكلات فيما بعد إلا إذا كنت واضحا في تعاملك مع الضغوط الفسية الناجمة عن أعراض مرضه .
اللوم وعتاب النفس
كثيرا من ألأهل ينتابهم احساس و شعور بالذنبحينما يمرض أحدا منهم بمرض حاد و حرج و هذا الشعور يكون أكثر لو كن هذا المرض مرضا نفسيا حتى و لو كان على مستوى” لم هم و ليس أنا “
و تدور الأفكار حول ” ماذا فعلنا خطأ بحياتنا ؟… هل كان في الإمكان منع هذا؟!
هل عاملته بإسلوب خاطئ مختلفا عن أخوته و أخواته؟… كيف كان يمكن تفادي ذلك ؟
وهل انا الملام ؟ …
و الواقع انه ليس فقط الأباء الذين يشعرون بذلك الشعور المؤلم بل ايضا الأزواج ” كان بحالة جيدة حتى زواجنا؟!” …
” قد أكون انا ليس بالزوج الملائم لها ؟ …” هل ضغط عليه في زواجنا و المسئوليات المللقاه عليه؟” …
حتى الأبناء والأطفال للأب الفصامي لا يفتكون من هذا الشعور !” ربما كنا السبب في عدم طاعتنا العمياء له!
” و الأشقاء تراودهم بعض الأفكار مثلا ” هل الغيره منه كانت سببا … أو ربما في مشاجراتنا حينما زل لساني يارب تموت!!”
يجب ادراك إن مثل هذه الأفكار و المشاعر طبيعية وعادية ولكنها قد تسبب مشاكل إذا خرجت عن حدود السيطرة … و من المهم معرفة إن الاحساس بالذنب قد ينشأ من الشعور بالإرتياح … نعم الإرتياح لأنك لست انت المريض من العائلة ! ولست أنت الذي بالمستشفى بل انت في ارتياح من عدم تواجده معك بالبيت ! ولكن يزداد الاحساس بالذنب بعد ذلك إلى درجة إن الشعور بالذنب الذي لا ينطفئ ومناقشة هذه المشاعر والأحاسيس مع الطبيب تساعد إلى حد كبير حينما تفهم إن السبب الرئيسي لمرض الفصام هو الخلل الكيميائي بالمخ واذا كان هناك احتمال إن الاجهاد أو الضغط النفسي يساهم في اظهار المرض و يلعب دورا هاما في تطوره الا إن هذا يعني إن المريض أكثر حساسية من غيره وضعيف القدرة في تحمل هذه الضغوط وهذا في حد ذاته يمثل الإستعداد للمرض.
اقبل ما حدث في الماضي على انه ماضي وانتهى واذا كان حتى ثبت انه شئ ما مما فعلته اسفر بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن الحالة المرضية فهذا ليس معناه مسئوليتك عن مرضه بل كان تصرفك في ذلك الحين بناء على صدق نواياك و على قدر خبراتك ونشأتك وعلمك وانك لم تنوي يوما ما بالحاق أي أذى به فنحن جميعا تربينا مع أسر وأباء يعزون أي كارثه لتصرف شخص ما بأسلوب ما و يلقون اللوم على بعضهم البعض وبالتالي يبحثون عن السبب في كومة من الكوارث و المصائب كمن يبحث عن إبرة في كومة من القش.
وفي بعض الأحيان يكون بعض المرضى تعرضوا للعديد من احداث الحياه و الضغوط النفسية الصعبة وكانوا يوصفون منذ طفولتهم بانهم ليسوا طبيعين حتى مع هؤلاء فإن الاستعداد الجيني و الكيميائي يجب يكون موجودا .
ما العمل؟
ماذا تفعل مع مثل هذه المشاعر من الذنب ؟… ” انه خطأ الأب هو لم يعترف بذلك أبدا ” …
” لو لم تتعامل معه أمه كطفل و تتدلله لكان أفضل” …
” أخوته لم يجعلوه يلعب معهم أبدا “
قد تبدو حقيقية هذه التعبيرات و لكنا ليس لها شأن لم أصيب هذا المريض بالفصام خذها قاعده الماضي انتهى و مضى ماذا ستفعل من أجل مستقبل أفضل!!
و قد تعبر أحيانا مثل هذه الجمل عن أنواع من المشاعر التي لدينا و التي يصعب علينا تسميتها أو تصنيفها. وغالبا ما نرى مشاعر الذنب كعلامة من علامات العناية و الرعاية و الإهتمام فكلما زاد الضيق عند أحد زاد قلقه و عتابه لنفسه لما حدث ولكن المعروف من هؤلاء الناس إن من فرط قلقهم و عتابهم لأنفسهم يعوقون مسيرة العلاج الصحيح … و الحل هنا تكثيف النظرة مرة أخرى للمستقبل و لما ما يمكن فعله بنظرة متفائلة وبعض الناس بطبيعتهم قلقون ولكنه اتجاه و أسلوب حياة يمكن تعلمه!…فلو كنت انت شخصية قلوقة بطبعك وتعاني من العديد من مشاعر الذنب و التأنيب فاحذر إن مثل هذه المشاعر قد تتحول إلى عادة و هي عادة سيئة جدا تؤثر عليك وعلى من حولك سلبيا و تؤخر ادراكك الصحيح للمرض و يفية التعامل معه و مع مريضك فانظر بصورة أكثر واقعية وحاول عكس هذه المشاعر لتكون أكثر ايجابية
الضيق
ينتاب العديد من الأهل شعور بالسأم و الضيق كما ينتابهم شعور الحزن و الذنب في أحيان أخرى وهذه أحساسيس و مشاعر مفهوم مصدرها وطبيعية و أغلب هذه المشاعر أساسها هي ادراك الناس ومن حول المريض بالمرض أو معرفتهم بانه مريض وهناك بعض من الناس يأتون بسلوك غريب و غير مفهوم نحو هذا المريض وأظن إن اساس ذلك هو انه مرض الفصام أساسا يساء فهمه بدرجة كبيرة و يؤخذ انطباعا سيئا عن المرض و المريض وربما يضطر الأهل مرارا محاولة شرح و تفسير عوارض هذا المرض مما يسبب لهم الضيق ويشعر كافة أقارب المريض بمثل هذه المشاعر وبدرجات متفاوته فيسأل نفسه ” هل سيظن الناس انه يعاني من هذا المرض بسبب شئ فعلته ؟” … ” قد يظن الناس إن هناك عيب في انا شخصيا لأتزوج من شخص المريض…؟؟” … قد يستطيع التكيف و التفهم لهذه المشاعر الكبار من ألأقارب و الناضجين منهم و لكن تغلب هذه المشاعر عند صغار السن من الأقارب و يتحملوا عناءا نفسيا لذلك فيرفض أغلبهم دعوة أصدقائهم في حالة انهم يرون قريبهم المريض يأتي بسلوك غير طبيعي وينسحبوا من احياة العامة وقد يعنفون من أصدقائهم و يدخلون في معارك معهم إذا ما تحرش أي منهم بقريبهم المريض وقد يسبب هذا أيضا مشاكل في محيط المدرسة.
وأولاد وأطفال المدارس بينهم قسوة في مشاعرهم فقد يسعى بعضهم للسخرية من آخر يعاني أو لديه قريب يعاني من مثل هذه الأمراض وهنا على مدرس الفصل التدخل لتفهيم الوضع لتلاميذه إن كل منا به و بأهله علة و ليس منا من يسخر من ألآخر…و علينا تعليم وتدريب الأطفال على كيفية الرد و التوضيح لتبرير سلوك قريب الأسرة ببساطة و هدوء وثقة و عدم اعطاء نظرة الناس الكثير من الأهمية حيث تبعث علينا الضيق أكثر و أكثر.
القلق و التوتر
كثيرا من القلق و اتلوتر الذي يصاحب أهل مريض الفصام كالذي تشعر أحيانا سببه واقعي للغاية و كثيرا ما نسمع في العيادات النفسية مثل هذه الأقاويل
ماذا يحدث له عند موتي؟؟
قلق عام نكاد نسمعه من العديد من الأهل كيف ستؤمن له حياته عند تقاعدك أو هرمك أو اعتلال صحتك أو موتك ومعك الحق فالتساؤل واقعي طالما إن مريض الفصام لا يعيش الا بصحبة أهله الذين يحمونه من النانس و يوفرون له قدرا من الأمن المادي … ومن الأفضل مناقشة هذا الأمر في صورة هادئة عقلانية مع المريض نفسه و الأهل المقربين له لأنه بالتاكيد سيكون لدى الكثير منهم نفس التساؤل و لكن يجبه عنك … ناقش اشقاؤه عن البديل وعن الوضع في حالة مرضك أو موتك كيف يمكنهم تقديم مساعدة له في بعض أو كل الوقت واسأل المريض نفسه ماذا يختار و ماذا يفضل؟ وناقسه بهدوء في ذلك و قد نصل في بعض الأحيان إن على المريض إن يعي ويتدرب و يدرك على أقل تقدير بعض المهارات الاجتماعية البسيطة التي تمكنه من العيش … هل هو يملكها؟ هل يستطيع ارتداء ملابسه و هندمة نفسه و شراء حاجياته واستعمال المواصلات العامة… هل يستطيع اطعام نفسه و هل العمل البسيط الذي يعمله يوفر له ذلك … وهل هو عمل مأمون لن تضيرة مشاكل منه؟ … هل هذهه الأشياء متوفرة أم علينا توفيرها و تدريبه على سبل العيش . وأيضا ماذا عن مسكنه بعد وفاة الراعيين له
كثير من مرضى الفصام يصب بانتكاسة بعد فقد الأب أو الأم الذي كان يرعاه لأنه فقد حمايه و دعم صعب توفيره أو تعويضه من أحد آخر.. و النصيحة هنا لا تضيع وقتك في القلق على هذه الأمور فقط وفر قدر طاعتك و استطاعتك له من كل ما ناقشناه والله المستعان
هل سيحدث لي؟
هذا قلق آخر لقرب صغير السن و يزور الطبيب عدة مرات و يسأل العديد من الأسئلة بخصوص هذا المرض بأسلوب مباشر أو غير مباشر حول مدى احتمال اصابته بالمرض والقاعدة الوراثية هنا كلما اقتربت صلة الدم بالمريض زاد احتمال الاصابة بالمرض ولكن ليس كل قريب للمريض مصاب أو مريض .. ونفس الشئ ينتاب الزوجين أو أحدهم بخصوص الأطفال هل سيصابون بالمرض ؟ و الاصابة ليست حتمية وراثية و البيئة والنشأة و التربية تلعب عاملا ثانويا مساعد على اظهار عوارض المرض و لا نود إن نجعل كل طفل لدينا تحت ميكروسكوب يرصد سلوكه ويؤول تصرفاته هل هي مرضية ام لا فلا داعي لأقاويل مثل ” انه يتغير مثل عمه ” ونحن نعرف علميا إن المريض مر عليه عهدا كان طبيعيا و صحيحا للغاية.
أولويات
تواجه الأسرة العديد من المشكلات و المتطلبات الحياتية اليومية وهناك أولويات لشئ على الآخر وقد تضطر الأم أو الزوجة مثلا لعدم الخروج للبقاء مع مريضها حتى و لو كانت الظروف تسمح بذلك ثم تتحول إلى عادة عندها فلا تخرج بالمرة للبقاء معه والفلسفة هنا انه المريض قبل أي شئ آخر … وقد يهمل الأب بقية أولاده ملبيا رغبات و حاجيات مريضه متجنيا على حقوق الآخرين ليأتي المريض مرة أخرى على رأس القائمة ولو اخترت التضحية بحياتك تماما في مقابل راية مريضك و تأخير كل مشروع لك لإنشغالك به فهذا لا يفيده و لا يفيدك إن التعايش مع المرض و المريض بموضوعية و عقلانية و إعطاء الأولويات حقها في الترتيب أفضل شئ للأسرة و المريض
الإنكار زهاء القبول والرضا
قد يكون هذا أصعب ما يصبو اليه الأهل و الأقارب و يمر لاعديد من ألأهل بمرحلة من انكار المرض و الأعراض و رفض التشخيص و ايضا العلاج و تأويل كل ما يصدر منه على انه حساسية مفرطة أو تدين زائد أو خجل أو طيبة قلب وحسن خلق و يفسرون عزفه عن الإختلاط و الحديث مع الناس و انعزاله بانه أدب جم وبعضهم يلجأ لحيل لخداع النفس على انه فقط نقص فيتامينات مثلا … ولا يمل كثيرون منهم من نعته بهذه الصفات ويؤخرون العلاج ولكن القبول و التسليم بالواقع لا مفر منه في النهاية وبالطبع يكون ثمن ذلك وقت وصحة و مجهود ومال ضائع ونعلم جميعا إن الدنيا هي أدنى شئ في الوجود وان الكمال لله وحده و الله له حكمة كبيرة في ذلك قد لا تدركها العيون والأبصار و العقول في الوقت الحالي