مجنون الفكرة في العيادة النفسية
أحداث جسيمة مرت على البشرية في الفترة الأخيرة من جرائم و خراب وقتل و يعزي أن منفذها ليس سليم العقل بل هو مجنون
منهم من زار العيادة النفسية من قبل و خضع لعلاج دوائي و له ملف مريض نفسي سابق بأحد العيادات أو المستشفيات و منهم من لم يزر عيادة نفسية و لكنه اقترف فعل لا يخضع للمنطق و العقل و تشوبه عدم الرتابة لا في القول ولا في الناتج و يخلوا من دافع سوي
نتذكر طيارة مصر للطيران و المشهورة باسم طيارة البطوطي 1999 و التى سقطت بالمحيط و محطمة في أجزاء و في الوقت الذي ادعت فيه السلطات الأمريكية ان قائد الطائرة كان مريضا نفسيا و انها محاولة انتحار ناجحة و تضاربت الردود السياسية ان البطوطي كان متوازن العقل و لا يمكن أن يقترف مثل هذا الفعل و انه حطمت من قبل العسكرية الأمريكية .. بتخطيط من الموساد حيث انها كانت على متنها قرابة 35 طيار مصري حربي
ولكنهم أشاعوا و أكدوا أن البطوطي كان مريضا نفسيا و انها كانت انتحارا مؤكدا منه بدليل انه قال فوضت أمري الى الله أكثر من مرة ( قرابة 14 مرة) كما ظهر في الصندوق الأسود و خرجت الأفلام الوثائقية الممثلة ببراعة تؤكد انه يعاني من اضطراب و جداني و انه كان في حالة اكتئاب ولكنه ظهر في فيلم الناشيونال جوجرافيك الوثائقي انه كا في حالة هوس قبيل رحلة الطيران و انه أفرط في الشراب ولكن لم تتقبل الجهات المصرية هذا التفسير و و انتهت بنظرية المؤامرة .. وطار بعدها مباشرة مبارك الى باريس حيث انه كانت هنا معاهدة و اتفاقية بين الاستخبارات المصرية و الاسرائيلية بوقف الاغتيالات بضمان من فرنسا و لم تظهر اية بيانات أخرى بعدها و تم التكتم على من مات من رجالنا و ساد الصمت
و يبقى لنا سؤال لم نجيب عنه .. هل كان البطوطي مريضا نفسيا؟؟
وفي ظروف أخرى حديثة تكررت
نفس الحادثة و تأكدت على مساعد الطيار الألماني الذي أغلق كابينة القيادة عليه حينما ذهب الكابتن للحمام و هوى بالطائرة فوق جبال الألب و أكدت السلطات الألمانية انه كان مريض اكتئاب ذهاني و يخضع للعلاج الدوائي الغير موفق و انه قاد الطائرة بما عليها من ركاب الى الموت ..حيث أغلق كابينة القيادة من الداخل و قت خروج الطيار الأساسي لدورة المياه و نفذ انتحاره و قتل الرحمة لركاب الطائرة كما يرى.و كان منذ قبل أسبوعين فقط يزور طبيبته النفسية و التي كانت متشككة في سلامته و قدرته على العمل و لكنه و عد بالالتزام بالعلاج الدوائي
********************************************************************************************************
أذكر في يوم لي في طوارئ الصحة النفسية بأحد الدول العربية بالخليج منذ قرابة العشرين عاما حضر شاب لقسم الطوارئ و طلب المقابلة و كان الوقت أثناء تبديل طاقم اطباء الطوارئ النفسية .. و كان هادئا تماما و ليس لديه ملف سابق للعلاج و لم يسبق أن قابل أي طبيب من قبل و قال انه يشعر بالضيق من حياته و يبلغ عليه السأم ولا يريد العلاج و لكنه ينوي قتل زوجته ..أخفيت دهشتي و تمت المقابلة و طال الوقت و لم يكن هناك أي شئ غير طبيعي يشير الى اضطراب نفسي جسيم .. هدأت من روعه أو هكذا تصورت و طلبت منه الحضور للعيادة الخارجية ف الغد أو قبول التنويم بالمستشفى تحت الملاحظة.. رفض أي من الحلول و قال لا و بدأ يظهر اشارات غريبة بعينيه و كأنها مفتعلة ..عموما صممت على دخولة المستشفى تحت الملاحظة ولم يكن هناك أي شخص قريب أو مرافق له يمكن الحديث معه و قال سيحاول أن يزورني بالعيادة الخارجية في صباح اليوم التالي
مر اليوم هادئا و أكاد ان أكون نسيت الموضوع
في صباح اليوم الثالث وجدت مجموعة من الشباب يبحثون عني بالاسم في المستشفى ووصلوا لي وسألوني هل جاء لك فلان بالطوارئ قبل أمس ..
قلت : نعم
:وهل ووصفت له علاج مؤقت و طلبت منه القدوم للعيادة النفسية …
قلت : نعم
قالوا : لي حسنا انه قتل زوجته قبل أمس .. و نحن نريد الآن تقرير طبي أنه مريض و انه غير مسؤول!!!
هكذا بهذه السرعة و الاريحية .. كان وقع الخبر صادما علي و تصنعت عدم الدهشة ولكن
انتابني شعور بالعجز و الخوف و الجهل بالعلم و عجز الطب النفسي كعلم و فشله في التمييز هل هذا كان مجنونا أم انه مدعيا و هل انا تقاعست في رد الفعل المفروض اتخاذه نحو هذا الشاب الذي ربما كان مريضا
على غرار هذا المريض رأيت العديد من المرضى ..ليس بالضرورة يزعم قتل أو أذى و لكنه يتبنى فكرة غاية في الغرابة
ولم تستوفى حالته شروط المرض النفسي المتكامل .. و أنا أعلم انه يوجد مريض يستطيع اخفاء أعراضه ببراعة و يستطيع تصنع الطلاقة في عدم اظهار الفكرة المرضية.
و مريض آخر كان يعمل في مهنة مرموقة و يستطيع ادارة أمواله والتي كانت أكثر من عشرة ملايين من الجنيهات و يتواجد في ثلالة أماكن عمل في نفس الأسبوع ليدير عمله بنجاح و يتقدم في عمله وأبحاثه و مثقف جدا و ….ولكنه في الوقت ذاته كان يميل للعزلة ..ملابسه غير متناسبة مع عمله ، فيهمل في هيئته و مظهرة و أحيانا يميل الى غلق الزر الأخير في قميصة و يكاد يخنق رقبته و لا يقبل المزاح أو يستشعر الدعابة اذا مازحته بخصوص هذا الشئ.. ومن حين لآخر يستقر بؤبؤ عينيه في الركن وتتوقف كشئ من التحدي أو الشك و الترقب ، و أحيانا أخرى تتغير الهيئة بلا رتابة مطلقا .. و برغم ثراءه الا انه لا يغير ملابسه .. و يحضر با نتظام في موعد عيادته لمقابلتي ويطلب المقابلة و ينفي عن نفسه أي مرض نفسي ..و يجادل على العلاج الدوائي… و يصرح بفكرة غاية في الغرابة كثيرا ما نسمعها من مرضى الفصام مع أعراض أخرى .. و لكنه لا يقول غيرها و هي انه يشعر بالتنمل بالشرج و احيانا بالاتساع اذا مر في تجمعات بها العديد من الرجال.. أعرف أن سيجموند فرويد وصف حالة المريض شريبر الفصامية وفسر على أساسها انه يعاني من جنسية مثلية مستترة و انه يقوم بعمل اسقاط على الاخرين ثم ينكر ذلك على نفسه فيتحول الفكرة الى الضد .. انهم يضطهدونه ..و ربما يراقبونه .. و يشعر بأحاسيس تتناسب مع الموقف الذي لا يتحمله .. و لكن لغرابة الفكرة الوحيدة التي يعيش فيها هذا المريض الذي أسلفنا قصته كنت أضغط عليه بشدة و لين لعدم التوقف عن جرعة دوائية صغيرة و كان يجادل فيها جدالا شديدا و للغرابة لا يتوقف من نفسه عنها و يتوقف عن زيارتي و في نفس الوقت لم أرى له قريب أو صديق يمكن أن يساعدني و يشترك في الضغط عليه للموافقة للالتزام بالعلاج .. و مر عام لم أراه فيه و لم تأتي لي أي أخبار عنه لأتلقى صفعة قاسية بأنه قتل ببشاعة رجل مشارك له في البيزنس الخاص به .. وغرابة قصة القتل بلا أي دافع ملموس ..و ظهرت نظرات عينيه الشاردة و انه ينكر ما فعل و الذي يصفه و كأنه حلم و لكن ليس بالقتل و ليس بانسان!! بل كان فأرا للتجارب
*********************************************************************************************************
وعلى مستوى العالمية ظهرت قضايا في العلن لم تختفي في عيادة النفسية و لم يستطع الطبيب النفسي من التستر .. ففي العشرين من يوليو عام 2010 أي في نفس يوم هبوط الانسان على سطح القمر …في نفس يوم عيد العقل البشري الذي غزا الفضاء وخطا فوق القمر …العقل الذي تحدث و تكلم بعد ما تعلم الأسماء كلها و اشتق منها أسماء وأفعال ..كان هناك جانب مظلم من العقل البشري
خرج جيمس هولمز في كولورادوا بعد ما صبغ شعره بالاحمر و حمل سلاحا و دخل دار سينما و أثناء عرض فيلم باتمان عاث بسلاحه قصفا للحاضرين ليسقط 12 قتيلا و أكثر من خمسين جريحا
و شهد كثير من الجيران على غرابة أطوار هذا الشاب جيمس هولمز الذي كان يقطن و حده ..هذا الشاب الوسيم والذي تخرج من قسم الميكروبيولوجي بجامعة سان دييجو .. كان غريب في خطواته و سيره و بداية حدثه و نهايته و كان يتحاشاه الكثير من الجيران و لكنه قتل . ..و بفكر شارد و بدون هدف أو وعي و لم يكن تحت تأثير عقاقير و لكن قال انه توحد مع شخصية الجوكر المقابل لباتمان في أعمال الشر و رأى في لحظة يأس ان الجوكر يقضى على هذا المجتمع .. ولم يستطع الأطباء اثبات المرض النفسي عليه الذي يعفيه من المسؤولية
http://www.telegraph.co.uk/news/2016/06/14/orlando-gunman-was-a-regular-at-lgbt-nightclub-pulse-before-atta/
في يونيو 2016 دخل عمر متين – المولود بأمريكا – الشاب الشاذ جنسيا أو المرح كما يلقبوا انفسهم ملهى مخصوص للشواذ و قام بعملية قتل جماعي في أسوأ حادث قتل جماعي بالولايات المتحدة الأمريكية ليصرع خمسين من رواد الملهى بأورلاندو الى ان اتخذ رهائن و تم فض المأزق بقتله و تحرير الرهائن.. وفي الوقت الذي قالت فيه بعض الأنباء انه شاذ جنسيا و انتقم من صاحبه الذي تركه ترددت أنباء عن انه ينتمي للقاعدة و أخرى انه ينتمي لداعش أي فكرة كان يتبناها عمر ليسحق نادي الشواذ باصرار .. ماذا كان يدور بعلقه .. لوط عليه السلام لم يقرر هذا الطريق و لم يقتل أحد من أبناء قريته سرا و با علانية و كان فقط يهديهم و يناشد العقل و الرشد فيهم ” أليس منكم رجل رشيد” وجاء أمر الله بملائكته بلاخروج و ليس بالقتل و لكن لم يأتي له مباشرة .. وكأن الدمار قرار الهي كشق البحر و الطوفان ..هل كان ذلك عجز و فشل سياسي أو كان عجز اجتماعي ..غير معروف عن عمر متين اذا كان تردد على أحد الأطباء النفسيين أم لا .. و ربما اذا كان تردد فلا علاقة لجريمته و مرضه النفسي ..غير اننا لا نملك بالطب النفسي آليه حاسمة تتنبأ بقتل أو اجرام محتمل
Worst US mass shootings in last 25 years
- At least 50 dead, 2016 – Omar Mateen opens fire on revellers at gay club in Orlando, Florida
- 32 dead, 2007 – Student Seung-Hui Cho massacres students at Virginia Tech university before killing himself
- 27 dead, 2012 – Adam Lanza kills 20 six- and seven-year-old children and six adults before killing himself at Sandy Hook, Connecticut
- 23 dead, 1991 – George Hennard drives through the wall of a cafe in Killeen, Texas, before opening fire and committing suicide
- 14 dead, 2015 – Syed Rizwan Farook and Tashfeen Malik open fire at a staff gathering in San Bernardino
- 13 dead, 2009 – Maj Nidal Malik Hasan opens fire at army base in Fort Hood, Texas
- 13 dead, 2009 – Jiverly Wong shoots people at New York immigrant centre before killing himself
- 13 dead, 1999 – Eric Harris and Dylan Klebold kill fellow students and a teacher at Columbine High School in Littleton, Colorado
و الأمر لا يقف عند هذا الحد
يأتي للعيادة النفسية مريض يتبنى فكرة تكون غاية في البلاهة و الغرابة فمثلا من الأفكار الشائعة التى كثير ما تتردد بالعيادة أن عينيه تحيد دون ارادته و تستقر عند الأعضاء التناسلية لدى الآخرين و انه على هذا الحال منذ عشر سنوات أو يزيد و يجزم بحدوث ذلك و ان هذا الموضوع تسبب في حرج شديد له لأن الناس تطالعه بريبة من جراء ما يفعل و أن أزواج السيدات في الأسواق يتابعونه و قد ينتقمون منه أو الرجال انفسهم يتململون حينما تتثبت عينيه على أعضائهم .. و يؤكد لك انه لم يحدث مرة واحدة ان ناقشه أحد في الأمر و لكنها حقيقة و ليست أوهاما
و يأتي للعيادة النفسية و يبقل العلاج و الدواء و تتحسن حالته و لكن يا ترى كم لديه هذا الشعور و الفكر المريض و لا ياتي للعيادة النفسية
و هناك أفكار أخرى قد تكون بيئيا و ثقافيا مقبولة نوعا ما بأن الشخص مسحور أو محسود أو أحدهم بلغ مبلغا من التأثير المباشر عليه .. ستقول و ما في ذلك ؟؟ لا ذا المريض لا يأتي العيادة النفسية و لكن من يأتي باع الأرض و البيت للتخلص من السحر و منع زواج أبنائه وبناته لأنهم مسحورين و محسودين ولم يتبقى من أموال لديه نفقها طوال عشرات السنوات للتخلص من السحر الذي أصابه و أحيانا يتربص بأناس مارة من قبل البيت للتنكل بهم و ضربهم و كثير ما تحدث حوادث جسيمة فيها موت و قتل و ورائها فكرة سحر و عين و ترى فتاة شابة أنيقة مهندمة تتدعي الليبرالية و الثقافة و لكنها تضع ملابسها في الماء المالح لأيام للتخلص من السحر العالق بها وتهدد الأهل لو لم يكفوا عن سحرهم لها هم و جيرانها ستؤذيهم و أخرى حرقت الملابي و ثالث حرق الستائر والسجاد و رابع حطم نجف البيت لما فيها من كريستالات بلورية تضخم الأعنال السحرية و هكذا تنتابهم نوبات من العنف الشديد و الهياج و البكاء و الصراخ في محاولة لتفسير ما يشعرون به و يصدقونه
وقد يجد من أفراد الأسرة من يشارك هذا الاعتقاد فاذا كان فقط اثنين ….
Folie a deux يعتقدان بالفكرة الغير منطقية
يطلق عليها
أو ضلالا الاثنين ولو ثلاثة يطلق عليها Folie a trois أو ضلال الثلاثة
أما اذا كانت الأسرة مجتمعة في نفس الاعتقاد فهم Folie a famie أوضلال و وهام الأسرة
و الأمر أكثر من ذلك حينما يشترك مجموعة من الناس
مجموعة من الناس تتبنى فكرة معينة انها الطائفة cult
و ماذا يعني اعتقاد الطوائف
في الولايات المتحدة الأمريكية أكثر من 2000 طائفة كل منها تحمل اعتقادا و تتبناه و ترعاه و قد تتخذ سبيلا في تطبييقه
غالبا ما يكون لهذه الطائفة راعي أو مؤسس و يملك قدرة و ملكة اقناع للبعض الذين بدورهم يضمدون جراح نفسيه لديهم بترسيخ هذه المفاهيم و تكون حزمة الأفكار وراء بؤس و شقاء العديد منهم و لكنه جنون الابداع أو ابدا الجنون