فوجئ الزوج السعيد الذي لم يمض على زواجه عدة أشهر بزوجته تقوم من الفراش بعد ساعة من نومها لتسير في الغرفة و تقف برهة لتبحلق يمينا و يسارا …!! سألها هل هناك من شئ؟!… فلم ترد وما هي الا ثوان و عادت الى فراشها و أتمت نومها في هدوء … و حينما سألها في الصباح لم تتذكر أي شئ و ضحكا وانتهى الأمر و تكررت هذه الظاهرة عدة مرات أحيانا كانت تختفي أشهرا كثيرة لتعود في الظهور مرة أخرى و كأنها تزداد و تتكرر حينما تكون الزوجة قلقة أو مرهقة أو متوترة و لم يعط الزوج بالا لهذا الأمر فلم يظهر له أية مضاعفات .
إلى أن كان يوم…
فوجئ الزوج بابنه البالغ من العمر 9 سنوات يقوم من فراشه بعد نومه بساعة تقريبا ليسير في الغرفة و يفتح الباب ويخرج منها و يتلفت يمينا و يسارا و يتمتم بكلمات غير مفهومة ثم يعود إلى فراشه بعد فترة وجيزة !!… و قلق الأب ليسأل الطبيب …هل ورث طفلي مرضا عن أمه ؟… وما هو هذا المرض ؟… و وما مدى ضرره ؟… و هل له من علاج؟
نعم إن هذه الصورة هي داء السير أثناء النوم sleepwalking – somnambulism أو كما يطلق عليه باللغة العربية داء “النومشة ” أو “السير النومي” و ينتشر هذا المرض في الأطفال من عمر 6-14 سنة الى ان اعتبر بعض العلماء و الباحثين كونه ظاهرة طبيعية ولما كان يتكرر وجوده في أفراد الأسرة الواحدة دل ذلك على وجود عنصر التوريث لهذا الاضطراب وتصل نسبة انتشاره بصورة مرضية أي متكررة يوميا إلى 6% من الأطفال في عمر العشر سنوات.
وتختلف الحالة من طفل لآخر من مجرد أن يترك الطفل فراشه ليرقد فيه مرة أخرى مباشرة إلى ترك الفراش و الغرفة نهائيا و قد يبلغ الأمر إلى قضاء الحاجة كالتبول في مكان آخر و الطفل غير واع تماما و دائما تحدث الحالة خلال الثلث الأول من النوم و على وجه التحديد في مرحلة النوم العميق الأولى ليستكمل الطفل نومه في الصباح غير متذكر نهائيا ما حدث له.
ويقل حدوث نوبات “السير نوم” كلما تقدم عمر الطفل و بوجه عام القاعدة هي اختفاء الحالة عند عمر 15 عاما ألا ان نسبة قليلة من الأطفال تستمر معهم إلى سن الشباب و ما بعد ذلك كما في حالة الأم السابقة وهنا الأمر قد لا يقف هينا عند هذا الحد بل قد يتعقد أكثر فأكثر لنرى ان سلوك داء “السير نومي” يأخذ حركات أكثر تركيبا تبدو و كأنها سلوك متكامل فيقوم النائم بتناول الطعام مثلا أو تبديل ملابسه والخروج من المنزل و السير و ربما قيادة السيارة و هو ليس في وعي كامل و الغريب انه يتفادى الأشياء التي قد تصيبه و كأنه يراها و لكنه نادرا ما يستجيب لمن يحاول ان يوقظه وقد يستيقظ تلقائيا مع تشويش في الوعي بسيط يزول تدريجيا في دقائق.
بعض السير نائمين يعودون للرقاد بفراشهم أو قد يرقدون في أي مكان آخر لاستكمال نومهم حتى الصباح و كثيرا ما عاقب آباء أطفالهم لتركهم فراشهم و ناموا بغرفة أخرى والأصل ان الطفل يسير نائما و يرقد حيثما يصل و ينسى ما حدث فهو ليس بكاذب إذا قال انه لا يدري كيف وصل الى هنا ؟!
وكما سبق يختفي هذا الاضطراب عند البلوغ و لكنه قد يعاود الظهور في العقد الثالث أو الرابع من العمر وأيضا يزداد ليتكرر بصورة يوميه مع القلق النفسي و التوتر اليومي و أيضا مع حالا ت عضوية كإصابات المخ و نوبات الصرع .
وما هو العلاج؟
حتى الآن لا يوجد العلاج الدوائي الحاسم الذي يستجيب اليه الطفل تمام الاستجابة و لكن يجدر الاشارة بضرورة دقة تشخيص الحالة حيث ان مثل هذه الحالات تحدث مشابهة لحالات الصرع الصدغي بالمخ و فيها لا يعود المريض أبدا الى فراشه و لكنه يستلقي حينما وصل بعد انتهاء النوبة الصرعية التي واتته نائما ومن الضروري هنا الفحص بواسطة تخطيط المخ الكهربائي و كذلك يساعد مختبر تخطيط النوم في دقة التعرف على الحالة و تقيمها بحجم موجات دلتا البطيئة التي تظهر بكثافة مع الحالة وهنا يفضل العلاج الدوائي.
وهل من ضرر لو لم استعمل علاجا دوائيا؟
الأمر الذي قد يؤثر على هؤلاء الأطفال هو عدم قدرتهم على التواجد والنوم خارج البيت عند الأقارب مثلا لما قد يعرضهم للحرج و النقد او الاشتراك في نشاطات مدرسية خارجية تستلزم البيات و النوم كالمعسكرات .
وأيضا يفضل إبعاد أية آلات حادة من غرف الطفل و إحكام غلق النوافذ و الأبواب في المنزل و النوم بقرب منه وينصح بعض الخبراء بايقاظ الطفل كلما و اتته الحالة كمحاولة للعلاج السلوكي بالتنفير منها أو ربط الطفل بحزام عريض غير محكم من وسطه بالفراش فمجرد محاولته القيام يستيقظ الطفل و يسيطر على حركاته