كان جالسا في هدوء يمارس نشاطاته اليومية  المعتادة و ربما أيضا كان في حالة استرخاء و في حوار هادئ مع الأسرة أو يطالع شاشة التليفزيون

فجأة و بدون مقدمات و بدون مسببات خارجية يشعر بخفقان في القلب وضيق في الصدر و تتلاحق أنفاسه

ويسيطر عليه إحساس بالرهبة والخوف و الضيق …يتوتر وألم الصدر يزداد … يشعر بالاختناق …يجد صعوبة في البلع و غضاضة في الحلق يتصبب عرقا و يشعر بدوار …

§الدوار يزداد و الخوف يسيطر عليه “أريد طبيبا فورا” … الدوار يزداد ” أريد طبيبا فورا!”  شعور و إحساس مخيف من الموت ! إلى هذا الحد!  نعم!  يترقب الموت … تمضي دقائق ثقيلة ربما تمتد إلى نصف ساعة أو أكثر قليلا  وتنحسر الحالة تلقائيا  …

انتهى الأمر و كأن شيئا لم يكن.

§ولكن تبقى الخبرة مؤلمة والإحساس مرير و الخوف أن ينتابه نفس الشعور مرة أخرى مستمر  يتوجه للفحوصات رسم  قلب
و أشعة عادية على الصدر و أشعة على القلب و أخرى على الرأس و الجمجمة  وأشعة مقطعية بالكمبيوتر على الدماغ  وتحاليل دم كاملة و تحاليل بول و غيرها … جميعها طبيعية
… لا يوجد أدنى خلل و لكنه يؤكد انه يشعر بأعراض غير عادية

و كيف يفسر ما يتعرض له من خفقان و ألم بالصدر و القلب

وكيف يتقبل رأي طبيبه ” انك لا تعاني من شئ !”

§ فيذهب لطبيب ثان و ثالث وفي تخصصات مختلفة …

§ مبالغ طائلة تنفق في تحاليل لا لزوم لها و النتيجة طبيعية و الحالة مازالت تأتي تلقائيا و تذهب تلقائيا و الخوف منها و ترقبها يزداد

§ و تتكرر النوبات و تزداد حدة في كل مرة و تزداد اقترابا …تصاحبه في العمل و البيت و السيارة و تعيق حركته و أداؤه في كل مكان هذه هي أعراض اضطراب الهلع

مرض قديم

§وقد يصل  اكتشاف هذا الاضطراب ربما لأكثر من قرن من الزمان حينما وصفه العالم الأمريكي دا كوستا  الذي كان يعمل طبيبا زائرا في المستشفيات العسكرية الأمريكية و رصد تواتر الحالات التي تشكو من آلام حادة بالقلب  و ضيق منطقة الصدر دون خلل عضوي واضح فيهما  حتى أطلق عليها القلب العصبي  أو عصاب القلب و أعزى السبب ليكون من تهيج الجهاز العصبي السيمباتاوي اللا إرادي ووصفها إنها قد تأتي في نوبات أو مستمرة على مدار اليوم .

أصل كلمة القلق

§و بعد عدة سنوات أدخل فرويد كلمة القلق أو Anxiety    من الألمانية و اللاتينية وتعني الخوف و الرهبة  وأيضا وصفها إنها قد تأتى في نوبات أو مستمرة على مدار الساعة

تفسير نفسي

§ وحاولت المدارس النفسية التحليلية دراسة الظاهرة و تفسيرها وكان لكل منهم مدرسته الخاصة و تحليله الخاص وعموما وصلوا إلى إنها خوف من فقد أو الافتراق من  شئ عزيز يتوحد و يتمثل في اعز ما يملك وليكن قلبه
§وذهب بعضهم أن هناك دوافع غريزية مكبوتة و يخشى من ظهورها و كبتها يتحول إلى أعراض أخرى التي تظهر عند زيادة هذه الدوافع ولذا فبعض المعالجين التحليليين يلجأون للبحث عن ماهية الدوافع المكبوتة لدى المريض و ما عاقبة ظهورها لديه … ولكن لم تثبت هذه التفسيرات و لا الطرق العلاجية  فعاليتها
.
ياترى ما الأسباب؟
§أثبتت بعض الدراسات في علم الوراثة أن الاستعداد لهذا الاضطراب ينتقل وراثيا في أفراد الأسرة الواحدة وأكدت أبحاث حديثة أخرى أن اضطراب الهلع يعزى لوجود نشاط غير عادي للأدرينالين في منطقة صغيرة بالمخ تسمى المنطقة الزرقاء


Locus cereulus
يزداد النشاط بصورة متقطعة فينخفض و يعلو مع الحالة

و العلاج؟

§وأصبح العلاج دوائيا في المقام الأول وأغلب هذه الأدوية تتعامل مع  النواقل العصبية  بالمخ بتقنين عملها بالزيادة و النقصان

§ ويفضل العديد من الأطباء عدم الاستمرار في التداوي بالمهدئات وعلى وجه التحديد البنزوديازيبين (مجموعة  الفاليوم و مشتقاته)  لما له من أثر تعود فيما بعد إذا استمر لفترة تزيد عن 6 أسابيع برغم ما له من تأثير سريع و فعال فور استعماله

و هذا لا يقلل من شأن العلاج النفسي بأساليبه الحديثة و الذي أتى بنتائج طيبة كتعليم طرق الاسترخاء و العلاج النفسي التدعيمي والتبصيري بطبيعة الحالة و كيفية نشوئها والتعامل معها

Published by Dr.Adel Serag

Dr. Adel Serag is a senior consultant psychiatrist , working clinical psychiatry over 30 years.

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *