وردت هكذا مفردة مرة واحدة في سورة الانعام:

“كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا”“”


والحقيقة ان هذه الآية تتحدث عن حالة فريدة ، حالة إنسان وصل إلى الله، عرف الله، وأنه لا إله إلا الله

:” قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلَا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ“.

 

ماذا حدث له بعد الوصول والعلم والمعرفة؟!


دخل في صراع، صراع مع الشهوات، الشهوات أغرته ” كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ”..
الهوى هو الشهوة، الميل.

وينبغي أن نفرق بين الهوي والهوى
الهوي هو السقوط

والهوى هو الحب
الشيطان يستخدم سلاح الشهوات ليسقطك!

ليجعلك تهوى فتهوي
سلاح الشهوات قصير جداً، وحقير جداً، وخطير جداً، ولذا يستخدمه الشيطان


كم من بيوت ملتزمين تهدمت بسبب شهوة مواقع إباحية أو صور فاضحة، كم من أخلاق سقطت ، كم من شباب أدمنت وغوت وهوت؟
“اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ”


محتار، في حيرة، الفتن في أبهى صورة، الدنيا تتراقص أمامه، الشهوات مستمرة، الفتن في كل مكان (في يد الجميع).
وهنا يأتي دور الأصحاب!

” لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا”
إنه الجليس الصالح، أنه حامل المسك.
صاحب الخير أو صحبة الخير تدعو هذا الضال: هلم إلى الطريق، هلم إلى طريق الهدى.
وهو بين استهواء الشياطين ودعاة الهدى (حيران) لا يدرى أين يتجه؟ ولا أي الفريقين يجيب !
وهذه الآية تصور مشهد الحيرة والقلق والتأرجح والاضطراب، وكم رأينا من حالات حقيقية-نسأل الله العافية- لأناس عرفوا دين الله و ذاقوه ثم انتكسوا تحت وطأة الشهوة او تحت قهر الخوف والطمع، ثم إذا هم في البؤس المرير والحيرة القاتلة.
ثم يأتى هذا التقرير القرآنى الحاسم في الظرف المناسب:


” قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۖ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ”


الحيران يحتاج إلى قرار حاسم، عذاب الحيرة لا يزول إلا بالتسليم لقرار واحد حاسم وجرئ: ” هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ”.

يحتاج إلى أن يسترجع بداياته المشرقة ، إلى صحبة الخير ، إلى الصلاة فى المسجد والإعتكاف فى المسجد وقراءة القرآن فى المسجد ، يحتاج إلى فعل الخير واتيان الخير وبذل الخير .
وأنت ؟؟
كن هذا الصاحب الإيجابي، الصاحب الذى يأخذ بيد صاحبه..
كن هذا الصاحب الذى اتخذ قراره
كن الحبل الذى يتدلى أمام هذا الحيران لينقذه من التيه والضلال والحيرة.

Published by Dr.Adel Serag

Dr. Adel Serag is a senior consultant psychiatrist , working clinical psychiatry over 30 years.