يقضي أغلب مرضى الفصام فترة للعلاج و مرحلة غالبا ما تكون حادة الأعراض بالمستشفى للعلاج

و هذا شئ لا يدعو للخجل و لا ينظر اليه كعار على الاسرة لانه لو كان من المجتمع من ينظر الى هذا على انه نقيصة أو وصمة فالعيب في هذا المجتمع غير المتحضر وليس في المريض.

فكلنا نعلم ان المرض قدر محتم على شخص بعينه و تقدير الهي لا دخل لنا فيه

وأولا  المستشفى تقوم بهذا العمل كمكان آمن يجيد فن التعامل مع المريض في مراحله الصعبة على الاسرة و في الوقت ذاته تستكشف كافة أعراض المرض و يضع الطبيب المشرف على العلاج و المتابع للحالة أفضل سبل التعامل مع هذا المريض

و ثانيا المستشفى فيها الامان للحماية للمريض من تحرشات الجهلاء من الناس و الذين لا يفهمون ما يحدث بالضبط و أيضا يقدم الحماية للمريض من نفسه ومن سلوكه المضطرب  وتعد المستشفى مكان آمن أيضا بفضل ما فيه من أشخاص مدربين للتعامل مع هذا المرض ويستطيعون تقييم الحالة وتأكيد أو نفي التشخيص وتفنيد كافة الأعراض سلبية كانت أو حادة أم مزمنة و تقديم التقارير للطبيب المشرف و المعالج أولا بأول مما يفيد جدا عملية العلاج وانتقاء الدواء و استبعاد ما فيه من أعراض جانبية و كذلك ضبط الجرعة الدوائية المناسبة

وثالثا ان عرض المريض لأنواع العلاج المكثف من علاج دوائي و نفسي و رياضي يساعد بدرجة كبيرة على سرعة التحسن و الشفاء

و رابعا ان المستشفى يسهل فيها تقديم العلاج بدون فلسفات من الأهل وتدخلات من الزوار مثل ” هذه الادوية تسبب الادمان” .. الواد ده معندوش حاجة ده بس أعصابة تعبانه ..” على ايه أدويه وعلاج ده زعلان عشان خطيبته..”  ” يمكن حد سحره ولا عملوا عمل..” ويجد الأباء أنفسهم في حيرة بعد جلستهم مع الطبيب يتبدل رأيهم و يقعون تحت ضغط من الأقارب و الاصدقاء و احيانا يتشوش فكرهم ايضا و تضيع فرصة علاجه ويقع ما لا يحمد عقباه بل و أحيانا يتدخل بعض الأقارب بشكل حازم فيلقى بالادوية من النافذة و يذهب لاحضار شيخ تطوعا منه ويفرض على الاسرة تدخلا غير محمود خدمة منه و طبعا بحسن نية ويكون بذلك كالدب الذي قتل صاحبه

المستشفى الواقع و المثال

وهنا لست أنا ممن يأخذون موقع الدفاع عن المستشفيات النفسية  فقد عملت في العديد منها في مصر و العالم العربي و الغربي

والمثال هو كما اسلفنا سابقا ان يلقى المريض كل الرعاية كاملة و يبلغ الطبيب المشرف عليه من قبل التمريض المدرب والاطباء المناوبين عليه بكل شئ عنه

و لكن كثيرا ما يكون الواقع غير ذلك

فكثيرا ما يدخل المريض و يوصف له مجموعة دوائية متمشية مع بروتوكول أو قاعدة المستشفى الدوائية وهذا لا عيب فيه ويبقى المريض في المستشفى يأكل ويشرب و يتناول الدواء و لا شئ غير ذلك فالطبيب مشغول أو غير طموح بالقدر الكافي في متابعة مرضاه وما أكثر ذلك والممرضين والممرضات لا يتابعن ولا يعنييهم الأمر وينظرون الى المريض والاهل كانهم في سفاهة وهذا من فرط ما تعرضوا لتدخلات غير منطقية من الأهل

و في بلدان مثل مصر يعيب كثير من هيئة التمريض سؤالهم و سعيهم للبقشيش من أقارب المريض وقد لا يوجد هذا في بلدان أخرى حتى من قبل الممرضين المصريين أنفسهم العاملين في البلدان العربية ولكن حيث أن البقشيش في فترة من الزمن كان يمثل الدخل الاساسي و أحيانا الوحيد للمصرين كان هذا هو السلوك و بالطبع يشكك مثل هذا السلوك أهل المريض في المستشفى و ذمة الطبيب و التمريض و المرض ككل و يكون الخاسر الأكثر في هذا هو المريض نفسه وبالطبع هذا يكثر انتشاره في المستشفيات الحكومية عن الخاصة و يشيع فيها الكثير من الفوضى والتراخي نتيجة الزحام و نقص الدواء و محدودية أنواع العلاج والمشاكل الادارية التي لا حصر لها و سرعة تبدل الأطباء وغيرهم  و جود العديد من الأطباء في مرحلة التدريب وان كان لا يمنع ابدا من ان هناك نقاط مضيئة واناسا يعملون من قلب و الى رب يتقونه ويخافونه ويقدمون كل ما لديهم ولا ينتظرون أجرا على ذلك من أحد

المستشفى الخاص

نعم مرتفعة التكاليف أحيانا ولكنها تحميك من زحام المستشفيات الحكومية و تضمن لك نظام و نظافة ومسؤول تستطيع ان تجده و تشكو له و تفهم منه.. ومنهم مادي بحت و يعتمد على السمعة التي كونها من قبل و منهم من يحافظ و يخاف على سمعته

ولا تتعجب اننا في عهد العولمة و الراسمالية و الاتجاه الى كل ما هو خاص و رفض و تقليص كل ما هو حكومي وفي سنوات قليلة سيندثر تماما الخدمة المجانية المقدمة من قبل الدولة لحماية مواطنيها و سيكون البديل هو شركات التأمين و التي هي بدورها تسعى لاستنزاف الهيئات الصحية و العاملين فيها وفي نفس الوقت سلب كل ما لدى المواطن للحصول على أعلى ربحية بأقل نفقات .. انه علم البيزنيس

الباب المقفول

المستشفى النفسية مكان بابه مغلق ليس كسائر المستشفيات وان كان هناك العديد من الحالات يمكن علاجها في مسشفيات عامة بجوار مريض الباطنة و الجراحة بأمان كامل حيث ان المريض معه المرافق لديه و هو يملك قدرا من الاستبصار يمكنه من البقاء بالمستشفى وهنال اتجاه في العالم الغربي لمنح المزيد من الحرية للمريض في الخروج و الدخول و الاستقلالية طالما لا يأذي نفسه و لا يحمل خطورة الاذى للغير

في عنبر المرضى

للعديد من مرضى الفصام أول احتكاك لهم بالمستشفى النفسية غالبا ما يكون بالحالة الحادة والتي تظهر امام الاهل من هياج و عدوانية و تشويش كلام ويقعون في حيرة ماذا يفعلون و لا يجيدون فن التصرف معه فلا مفر أمامهم من لذهاب الى المستشفى فهم في حالة لا يرثى لها من خوف على ابنهم أو ابنتهم والسلوك المضطرب و أيضا في حالات تبدأ ببطء ويميل المريض للانعزال والانطواء لعدة أشهر وربما سنوات فيتأخر قرار دخول المريض المستشفى الى ان يتأكد منهم الأهل بأنه غير طبيعي فهم يفسرون ما آل اليه من انه حساسية من المجتمع و الناس و الخوة لأنه يتكلم مع امه مثلا دون غيرها وان كان كلامه غير مفهوم و غير منطقي الا انهم يجدون تفسيرا لكل مايقول ف ” أم الأخرس تعرف لغاه”

وبعد ان يظهر شخص ف العائلة يقول هذا مريض نفسي و يشير على الاهل بعلاجة ويحاول اقناعهم بذلك الى ان يقتنع ويقررون المحاولة للعلاج وقد رأيت بيوتا تحملت مريضها لأكثر من عشر سنوات في عزلة و هياج وتخبط وأقع في خير شديدة يخافون من حبة و عقار و لا يخافون عليه أو منه بعد كل ما صدر منه و ضاع مستقبله ؟ كل هذا لفكرهم انه قد يتأخر زواج أخته مثلا أو ينكرون المرض برمته !! سيحان الله

فرحة ما تمت

ولكن مريض الفصام مشوش التفكير تماما ويخاف من المحيطين به وكل ما يحدث حوله قد يحمل معاني الأذى له و التآمر عليه وكل كائن حي يهدد بشئ من الفزع له و لذا قد تبدو المستشفى بمكان آمن له أو مكان مثير له ! فبعض المرضى تزداد حدتهم و عصبيتهم بالمستشفى وينظرون الى الغرباء فيها كعناصر تهديد و يرتبطون بضلالات الشك و الوهم لديهم ولذا فان مجدر مناقشة موضوع المستشفى يقابلونه بحده و عنف بل ان منهم اذا تعرض لانتكاسة مرضية بعد الخروج من المستشفى أو خرج مبكرا قبل تحسن كاف قد يلاحق طبيبه تليفونيا و يتهمه بالجنون ويكتب كتابات تفيد ان هذا الطبيب عميل وانه متواطئ ضده و هكذا

كيفية دخول المريض المستشفى

حتى طريقة نقل المريض للمستشفى قد تخضع لضغوط على المريض نفسه فلا هناك بديلا لها وتحمل خبرة غير سارة بالمرة لكل من الأهل و المريض نفسه .. فاذا لم يوافق بيسر و فشلت كل محاولات التهدئة و الاقناع لجأ أهل البيت لطلب المساعدة من بعض الاقارب ثم من أطباء المستشفى بعد محاولة تهدته بحقنة في المنزل و هنا يجب ان يكون القرار حاسما بلا تردد لأن التردد و الرجعة قد يحمل خطورة غير مأمونة

والأفضل بكل المقاييس هو دخوله طواعية و ليس قسرا فهذا حتما يساعد في العلاج و ينبئ بسرعة في الشفاء و التحسن

في المستشفى

وبمجرد الوصول فهناك فترة تحت الملاحظة قبل بدأ العلاج أو بدأ العلاد بمجرد الوصول وتهدئته فورا و مساعدته على تعويض ما فقدة من نوم خلال فترات المرض الاخيرة

وفي البداية يكون المريض في حاجة الى جناح مغلق عنبر المرضى  بصورة مستمرة مرتديا الملابس الخاصة بالمستشفى والافشل  ملابسه الشخصية التي تخلق له جو من الألفة الى ان يتخطى المرحلة الحرجة بحيث يؤتمن أن يترك له قدر من الحرية لن يسئ استغلاله بالهروب من المستشفى .. و الجناح المغلق أو عنبر الحالات الحرجة قد يعتبر الآن من تاريخ الطب النفسي لان هذه الحالات أصبح ميسورا السيطرة عليها في ساعات و أيام معدودة و هو ليس مدعاة للخوف كما يعتقد الكثيرون فكل ما هنالك ان بابه مغلق بحيث لا يسمح بمرور مرضاه الى اماكن أخرى ب المستشفى

وأيضا يفيد الباب المغلق للمرضى في عملية الملاحظة له مع العلاج و مدى الاستفادة الدوائية ثم بعد ذلك يبدأ التحسن التدريجي للمريض فتسمح حالته بانضمام الى العلاج الجمعي والنشاطات المختلفة بالمستشفى سواء كانت تأهيليه أو ترفيهية أو غير لك

فترة الاقامة

و تختلف فترة اقامة المريض حسب حالته المرضية وأيضا

حسب البروتوكول المتبع للعلاج من قبل الطبيب المعالج و هنا يختلف الأطباء في طرق العلاج و يفصل العلاج على حسب ظروف المريض و الأسرة وبالطبع حسب القدرة المادية للأهل في المستشفىات الخاصة و حسب العجز في الاسرة في المستشفيات العامة و الحكومية فدائما عدد الأسرة الخالية أقل من المطلوب و هنا يضطر الاطباء لاخراج المريض حتى يترك مكان لغيرة

ثم تخضع لمدى استجابة المريض للعلاج الدوائي

وسياسة المستشفى العلاجية

وكانت في الغالب الفترة تمتد من 3 أ سابيع و حتى 10 سابيع و لكن بفضل الله و الدواء الحديث امكن خفض هذه المدة جدا لأيام معدودة في كثير من الأحيان

العلاج بالعيادة الخارجية

بعد خروج المريض سيسأل ان يتردد على العيادة الخارجية أو العلاج الجمعي أو الرعاية النهارية أو المتابعة الطبية الدوائية هذا اذا ما كانت المستشفى او المركز بها هذه الخدمات الطب نفسية ,ايضا يوثر في قرار تردده على المستشفى سهولة الانتقال والمسافة ومن من أفراد السرة متفرغ أو قادر على اصطحابه في كل مرة وهنا غالبا ما تبدأ المشاكل ولذا فالمرضى المحظوظون هم من تمتعوا بشفاء مقبول نسبيا و يؤهلهم للعودة الى اعمالهم والاعتماد على انفسهم

وأغلب الحالات ان ل تكن جميعها ستكون ما زالت تحت العلاج الدوائي والاشراف الطبي ولذا فالمطلوب هي المساعدة والمتابعة مع البيب المعالج و المسؤول لمراجعة العلاج الدوائي و الجرعات الموصوفة حسب ما يرى من حالة المريض و ذلك قد يرتبط باعطاء المريض حقن ممتدة المفعول تضمن بقاء استقرارة حتى في حالة رفضة للدواء

النكسات

من طبيعة المرض هو انتكاسته من وقت لآخر فيما يقرب من أكثر من 70 % من الحالات كل عام أو اثنين أو أكثر من لك و يزداداحتمال النكسة المرضية كلما قلت أو انعدمت متابعة المريض فيظن الأهل ان المرض انتهى و ينسوا أو يتناسوا كل ما حدث متأثرين بأن هذه الادوية خطيرة و لها مضافاتها و الموضوع لم يخرج عن ارهاق بسيط ولم يكن محتاج لذلك بدليل انه توقف الان عن الدواء لفترة تزيد عن شهر و لم يحدث شيئا و أحيانا يمتد التحسن والاستقرا لسنة أو أكثر بدون علاج و لا دواء و لا متابعة ثم تنهار الاسرة لقد عاودته النبة مرة أخرى و نعود لدوامة المستشفى ثانية

ومن هنا أتى مصطلح سياسة الباب الدوار حيث تعاد الكرة مرة أخرى من دخول المريض المستشفى وعلاجه في حالة حادة و خروجة للاسرة و المجتمع و العمل مرة أخرى وهذه السياسة قد تسبب دخول المستشفى مرات عديدة ولكنها فترات قصيرة على المدى الطويل تجعل اقامته ب المستشفى أقل و بالمجتمع ووسط اسرة أكثر

 

Published by Dr.Adel Serag

Dr. Adel Serag is a senior consultant psychiatrist , working clinical psychiatry over 30 years.

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *