أطفال في العيادة النفسية

أبنتي أكبر كثيرا من عمرها فهي عمريا لا تتعدى الخامسة و النصف و لكنها دائمة التساؤل عن كل شئ وأنهرها و لكنها لا تتوقف و تتسبب في حرجي أمام الناس؟

يبدو انك ما زلت تستصغرين طفلتك.. إنها آنستك.. و قد تخطت مراحل الطفولة المبكرة.. فهي واقفة عل قدميها ولم تعد مشكلتها الحركة فانطلقت و مشت و ركضت  و عرفت أين تذهب و ماذا تفعل..  ولم تعد مشكلتها الكلام فتسيدت الكلمات و مخارج الألفاظ.. و لكن المشكلة الآن هي ماذا تقول؟ ولكي تقول يجب أن تعرف! و حتى تعرف لا تكف عن السؤال !.. حتى إن شعار هذه المرحلة من العمر  ”  أنا أسأل فأنا موجود”  و يغلب على ابنتك طابع الأسئلة الاجتماعي و قد يعكس هذا رغبتها في مزيد من الاختلاط و الحصول على قدر أعلى من الاهتمام عن طريق مشاركة الكبار..  و لذا يجب أن نرد على كافة تساؤلاتها  بمنتهى التقدير و الاحترام و الصدق ..بإيجاز و بالقدر الذي تستطيع  استيعابه و حتى لو كان هناك خلاف بينك و بين والدها بسطي لها نوع الخلاف و صفي لها مشاعرك إنني عصبية الآن! .. غاضبة! ..مختلفة مع بابا.. و أيضا سعيدة و متفقة و متفائلة..سترضى و ستعلم إن قدر الحديث قد لا يخصها.

التحقت ابنتي بمدرسة لغات وأتقنت اللغة الانجليزية جدا و تتعالى علينا جميعا بذلك .. وأخجل كثيرا من سؤالها و الرجوع اليها حتى لا ينتابها غرور أكثر من ذلك؟

     على قدر علمي نادرا ما يتمنى  إنسان لآخر آن يتفوق عليه إلا إذا كان  ابنه أو تلميذه و قد تحقق لك هذا الرجاء فتفوقت ابنتك عليك في إتقان لفظ لغة غير لغتك و الحكمة السامية من البنوة هو أن نتعلم من أطفالنا كما نعلمهم و أن نسمو بأنفسنا رويدا رويدا معهم .. ولكن لا يجب أن تدعي فرصة لها للتعالي أو التباهي فلكل منا حظ و نصيب حتى في العلم  والتعلم , فلا تخلجي من سؤالاها و الإنصات لها و تقليدها لأنك ستطالبينها بنفس السلوك في شئون أخرى و بالطبع أنت لست في حاجة لأن ألفت نظرك إلى ضرورة إتقانها  اللغة العربية فهي أم اللغات.

 مات جد الاولاد بعد صراع مع المرض ويتساءل كل أولادي أين هو كيف اتكلم مع ابنتي و من يصغرها و يكبرها؟

               لا أجد صعوبة في إقناع ابنتك بفكرة الموت .. ففي مثل سنها يصل الطفل إلى مرحلة التفكير المنطقي والتعليلي تماما كالبالغين و هنا يجب أن يصل إليها مفهوم الدنيا و الفناء.. فالأزهار تموت والأشجار تموت و الحيوانات تموت وكل شئ يندثر و يختفي و الاستعانة بالأمثلة من القصص وحتى الأفلام التي تشاهدها سيقرب إلى ذهنها هذا المفهوم و لكن ما تعاني منه هو الشعور الطبيعي بالأسى و الحزن عند الفراق و هو يمتد حتى 3-6 أشهر ثم تعود الحالة لطبيعتها  و في حالات نادرة تتعقد الحالة لدرجة   قد تحتاج للتدخل الدوائي للعلاج وفي سن أصغر من سن ابنتك يلعب الأطفال بالتمثيل ويموتون و بالتالي تزول رهبتهم من الموت والفراق فمن يموت يدخل اللعبة باسم و شكل آخر

كل أطفال العائلة في مدارس لغات وأنا مترددة من الصعوبة أو السهولة لهذه المدارس و أثرها النفسي على أطفالي ..فماذا أفعل و بم تشير؟

المدرسة الأجنبية والغرفة المظلمة

فتحت لنا ملف التعليم و المدرسة الأجنبية في العالم العربي و أنا لا أريد أن أفرض عليك رأيا خاصا و لكن من واقع مشاهداتي لحالات و نمازج عديدة على أقل تقدير لم يحققوا شئ من المستوى المرجو والمطلوب و لذا فأنا لم أقتنع بجدوى أن يتعلم الطفل  بلغة و يتكلم بلغة ويفكر بلغة ثالثة ولن أتحدث عن السلبيات لذلك و لكنها الموضة الآن في البيت العربي.. و سياسة التخويف التي اتبعتنها تزيد المشاكل تعقيدا بدلا من حلها و كان أفضل لك إتباع سياسة الثواب أولا والمكافأة و التشجيع حتى تبني له قدر من الثقة و الطمأنينة ليسير في طريقه الجديد و عليك إصلاح ما تحطم إما أن يعود لمدرسته الأولى و يمكنه أن يكتسب اللغة عن طريق الشريط الكاسيت والفيديو وبرامج الكمبيوتر المساعدة أو الدورات الدراسية الحرة الصيفية أو أن يستمر مع مدرس خاص يتبنى مصادقته و مساعدته في تكوين صداقات في مجتمعه الجديد ويبسط له أسلوب التعليم برفق ولين وهذا الطريق ليس بالهين.

التاتاة مرة أخرى  

كنت قد قرأت على هذا الموقع طريقة علاج لابني الصغير و بدأت معه التأتأه في الحروف و سعدت جدا بعد ما نفذت ما قلت و تحسن بدرجة كبيرة ولكن بعد أشهر قليلة عادت اليه مرة أخرى؟

اطمئني فالأمر طبيعي جدا و لا تلفتي انتباهها لذلك و كوني مستعدة إن هذه الحالة ستكمن فترات و تعود فترات أخرى مع القلق و عدم الألفة لوضع جديد و أكثري عليها من تمارين التنفس الطويل وأفضل  رياضة  لها السباحة و يمكن أن تلعبي معها لعبة أن تنفخ كرة تنس الطاولة من الكوب فتخرجها لتدخل كوب آخر و هكذا ..فضبط عملية الشهيق و الزفير من أنجح أساليب العلاج

أنا عصبية جدا مع ابني في السابعة من عمره فهو لا يستطيع التركيز ساعت المذاكرة معي و لكنه يسكت و يعبس و يوافق على أي شئ هل هو تأدب جدا؟

         أدب أم استسلام

        طفل السابعة بفضل المدرسة و المجتمع الجديد يشهد تغيرا كبيرا و لم يبقى هو الطفل الشقي المشاكس .. و طالما انه يذهب إلى المدرسة و لا يميل إلى العزلة و يشارك أصدقائه اللعب فلا خوف عليه.. انه يميز الأمور بصواب , أوجه رسالتي إليك لا تختلقي جو النكد وقت المذاكرة و خذي الأمور بمرح و بساطة و اجعلي المكتب خاليا إلا من كتابه أو كراسته و لا تطيلي الفترة الواحدة عن 20 دقيقة متصلة و تأكدي انه بعصبيتك معه تهدمي و لا تبني.

Published by Dr.Adel Serag

Dr. Adel Serag is a senior consultant psychiatrist , working clinical psychiatry over 30 years.

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *